د. محمد الحسن محجوب يكتب :هل قرار وزارة الخارجية الأمريكية بفرض على السودان يتفق مع القانون الدولي؟

دكتور محمد حسن محجوب
قررت وزارة الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على السودان بموجب قانون “مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء على الحرب” لعام 1991، بعد اتهام الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية خلال الصراع مع قوات الدعم السريع في عام 2024 . وتشمل هذه العقوبات قيوداً على الصادرات الأمريكية وخطوط الائتمان الحكومية الأمريكية، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 6 يونيو/حزيران 2025 .
لذلك لابد من القاء نظرة حول مدى توافق هذا القرار مع القانون الدولي
اولا فى ما يتعلق بمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية
فان الولايات المتحدة استندت في قرارها إلى التزامات السودان بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية التي تحظر استخدام مثل هذه الأسلحة . إذا ثبت استخدام أسلحة كيميائية بالفعل، لإن هذا الفعل يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وخاصة لبروتوكول جنيف لعام 1925 واتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1993.
من هنا يتبادر طرح تساؤل حول شرعية العقوبات الأحادية التي تفرضها اجهزة دولة واحدة دون تفويض من مجلس الأمن الدولي. فالقانون الدولي لا يحظر العقوبات الأحادية صراحة، لكنه يشجع على اتخاذ مثل هذه الإجراءات عبر القنوات المختصة متعددة الأطراف وفي هذه الحالة التى امامنا، لم تصدر أي قرارات من مجلس الأمن بخصوص استخدام الأسلحة الكيميائية في السودان.
وان للولايات المتحدة سابقة في فرض عقوبات على السودان منذ عام 1993 عندما أدرجته في قائمة الدول الراعية للإرهاب، ثم عقوبات مالية وتجارية في 1997 . تم رفع بعض هذه العقوبات في 2017 بسبب التقدم في ملفي مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان . هذا السياق التاريخي يظهر أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها مخوّلة بموجب قوانينها الداخلية لفرض مثل هذه العقوبات.
ولكن لابد من النظر فى ردود الفعل الدولية حول هذا القرار
فان غياب أي شجب او إدانة واضحة من المجتمع الدولي لهذه العقوبات الأمريكية قد يُفسر بأنها ضمن الإطار القانوني المقبول دولياً. ومع ذلك، فإن اتهامات الخرطوم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق تظهر أن هناك خلافاً حول شرعية هذه الإجراءات.
وبالتالى طالما تستند الولايات المتحدة فى قرارتها إلى قوانينها الداخلية ومعاهدات دولية لتبرير العقوبات، تبقى شرعية العقوبات الأحادية دون تفويض دولي محل جدل في القانون الدولي. فالقرار الأمريكي قد يكون متسقاً مع القانون الأمريكي والالتزامات الدولية الأمريكية لمكافحة انتشار الأسلحة الكيميائية، لكنه يفتقر إلى التفويض الدولى متعدد الأطراف الذي يعزز شرعيته في النظام القانوني الدولي.
وان هذا الوضع يتطلب تحقيقاً دولياً مستقلاً لتأكيد أو نفي استخدام الأسلحة الكيميائية وعلى ضوء تتخذ السلطات المختصة المفوضة دوليا قراراتها، وهو ما لم يحدث فى القرار الأمريكي بفرض العقوبات على السودان الإعلان عنه حتى الآن بشكل واضح وبالتالى يجعله فى مهب فقدان الشرعية الدولية بسبب صدوره من جهة غير مختصة فى القانونالدولي.