فضاء الرأيكتاب اسكوب

دكتور منصور علي يكتب ✍️ أبو النجا… حين تزرع القلوب أرضًا، تنبت قرية من ذهب (1)

بقلم: د منصور علي عبد الله *

لقد ارتجفت اناملي عديد المرات و انا احمل اليراع لانسج الحروف وشاحاً يزين جيد (محبوبتي) ابو النجا الجوامعة و اصنع العبارات قلادة شرف اطوق بها جيد اهلها الميامين الكرام ابناء الاكرمين (ابو النجا ) قرية وادعة ذات طبيعة خلابة تحيط بها الخضرة من كل جانب ديدن بطاح و حواضر القضارف و خاصة في موسم الخريف، في أقصى غرب ولاية القضارف، حيث تهمس السنابل للريح، وتغني الأرض لمواسم الخير، تقف قرية (أبو النجا) شامخة، لا بأبراج إسمنتية، ولا بمشاريع استثمارية ضخمة، بل بأهلها الذين جعلوا من الطين ذهبًا، ومن الكفاف كرامة، ومن التراب حضنًا أحلامه ، حيث تنحني الشمس خجلاً أمام عرق الفلاحين، وتتهامس السنابل باسم الأرض، تنبض ( أبو النجا) بالحياة كما لو كانت قلبًا نابضًا للوطن. هناك، لا تُمزج التربة بالماء فقط، بل تُعجن بالحب، وتُزرع بالأمل، وتُحصد كرامة وعزًا.
هنا، لا يزرع الناس الأرض فحسب، بل (يحرثونها بالحب)، يسقونها بعرق الجباه، ويحصدون منها ما يكفي القلب قبل الجيب. الزراعة ليست مجرد مهنة في أبو النجا، بل (هُوية وحياة)، يبادل فيها الفلاح أرضه حنانًا بحنان، ويبذر في حقولها الأمل كما يبذر الحب في قلوب أولاده.
عرفتها مذ ان كانت تصارع النماء و التنمية و تفتقد للخدمات فلا كهرباء و لا ماء و لا طرق معبدة و لا مدارس تحصن الاجيال الا بعد رهق ومشقة .
(أهل أبو النجا) لا يملكون ثروات باهظة ولا قصورًا شاهقة، لكنهم أثرياء بالنبل، ورغم (ضيق ذات اليد)، وقلة الإمكانات، إلا أن أهالي أبو النجا صنعوا ما عجزت عنه المدن من خيوط الكفاف نسجوا كرامة لا تهتز، ومن صبرهم بنوا المدارس: *شيّدوا المدارس من جدران عزيمتهم،وفي اول اختبار لشهادة الاساس احرزت القرية المركز الاولي عن جدارة علي مدارس محلية ريفي وسط القضارف ، ومدوا الملاعب للأطفال من تراب الأمل، وأشعلوا المصابيح رغم عتمة الإمكانات*. وصلت الكهرباء، فأنارت وجوهًا طالما أضاءتها الابتسامة، وارتوت الأرض بماء المشاريع البسيطة، فانتعشت الحياة.
. لم يكن وصول الطريق مجرد شريان مرصوف، بل *إعلانًا بأن القرية دخلت عصرًا جديدًا دون أن تفقد روحها*.
بوصوله تنفّست القرية زفير سنوات من العزلة لم يكن وصول الطريق مجرد شريان مرصوف، بل إعلانًا بأن القرية دخلت عصرًا جديدًا دون أن تفقد روحها.
وفي هذا المشهد الذي يكتبه الشرفاء، لا يمكن أن تمر الكلمات دون تحية حب وإجلال وإكبار لعميد القرية، (العمدة سعيد إسماعيل سعيد) ، الذي يقود أمورها بالحكمة، ويجمع شتاتها بروح القائد الحليم، فكان أبًا للجميع، وصوتًا للقرية في وجه الصمت.
كما لا يمكن أن يُروى الحلم دون أن تنحني السطور إجلالاً لـ *الأستاذة الفاضلة إنصاف عبد الله إسماعيل*، التي اختارت أن تظل بين أبناء قريتها، رفضت وهج المدينة وآثرت نور الطباشير على ضوء النيون، فضحّت من أجل فلذات الأكباد، وغرست فيهم الوعي والمعرفة.
مديرة *مدرسة أبو النجا غرب*، التي تعادل بأدائها وجهدها *أربع مدارس*، لا واحدة فقط، تقودها بروح الأم والمعلمة، لتكون منارةً في قلب الريف.
وإلى جانبها، *شيخ سليمان، وأركان سلمه، والأستاذ الخلوق عز الدين عبد الله، وزمرة المعلمين النبلاء*، الذين يحملون الطباشير بيد، والمعول باليد الأخرى، في معادلة لا يُتقنها إلا أصحاب الرسالات العظيمة.
في أبو النجا، لا تغلق الأبواب، فكل البيوت مفتوحة كقلوب أهلها. الكرم ليس عادة موسمية، بل (أسلوب حياة)، والتكافل نَسغ يجري في عروق العلاقات اليومية. حين يفرح أحدهم، تفرح القرية كلها، وحين يضيق الحال، يضيق على الجميع، ويتسابقون في تضميد جراح بعضهم البعض.
هنا، حيث لا تسكن الصحف ولا تقف الكاميرات، تسكن (قصة وطن صغير)، نبيل، نقي، نادر.
(أبو النجا) ليست مجرد قرية… إنها منبع الخير، ومخزن الحكايات الجميلة التي لا تزال تُكتب بالفطرة والطين والحب ليست مجرد بقعة جغرافية، بل رواية صادقة عن وطنٍ يُبنى بالإرادة، وتُروى قصته بعرق الناس الطيبين.
فيها يسكن الخير، وتُحفظ القيم، ويُكتب المجد على ألواح الطين والكرامة.
نواصل….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى